mardi 22 mai 2012

الكنبوري: نعيش مرحلة التطبيع بين السلفية والدولة


الكنبوري: نعيش مرحلة التطبيع بين السلفية والدولة
إدريس الكنبوري باحث مختص في الجماعات الإسلامية، وهو مؤلف كتاب "سلفي فرنسي في المغرب: رحلة الأمير التائه من بيشاور إلى طنجة" الذي ضمنه سلسلة من اللقاءات مع الفرنسي روبير ريشار أنطوان. في هذا الحوار الذي أجراه موقع"يا بلادي.كوم" يتحدث الكنبوري عن ترحيل الأمير ذي العينين الزرقاوين إلى فرنسا، وعلاقته بمعتقلي السلفية الجهادية، والتكتيك الذي اتبعه لدخول فرنسا وعلاقاته المفترضة مع المخابرات السرية الفرنسية.
ـ بعد تسع سنوات من الحكم عليه بالسجن المؤبد تم أخيرا ترحيل الفرنسي ريشار روبير أنطوان إلى فرنسا، لماذا الآن؟
ـ ترحيل ريشار روبير أنطوان إلى فرنسا يدخل في إطار الاتفاقيات القضائية بين المغرب وفرنسا الموقعة عام 1981 والمتعلقة بالأشخاص المحكوم عليهم في البلدين. هذا الطلب يعود إلى عام 2006 على لسان ريشار ومحاميه وأسرته الفرنسية في سانت إيتيان، لكن السؤال هو هل سيبقي القضاء الفرنسي على نفس الحكم الذي أصدره القضاء المغربي في حقه، وهو السجن المؤبد، أم سيتم الحكم عليه بالسجن المحدد المدة أو إطلاق سراحه قريبا؟. أمر آخر يمكن أن يكون عنصرا في تفسير هذا الترحيل، هو وصول الاشتراكيين إلى الحكم في فرنسا، فقد قام المغرب بخطوة"نوايا حسنة" اتجاه ضيف الإليزي الجديد.
ـ هل كان ريشار أنطوان فعلا عميلا للمخابرات السرية الفرنسية؟
ـ لا أستطيع تأكيد هذه المسألة ولا نفيها، هناك ثلاثة أطراف يمكنها أن تفسر هذه القضية: المخابرات المغربية ونظيرتها الفرنسية وريشار أنطوان نفسه. فقد صرح ريشار أثناء محاكمته بأن لديه علاقة مع المخابرات الفرنسية، وهو الأمر الذي نفته السلطات الفرنسية مباشرة بعد ذلك. ثم قال ريشار إنه في عام 1998 قبل تنظيم كأس العالم بفرنسا لتصل به مواطن فرنسي اسمه"لوك" من المخابرات الفرنسية وطلب منه القيم بتحريات في صفوف الإسلاميين الجزائريين في فرنسا وبلجيكا، مقابل تعويضات مالية. لكن عندما سألته المحكمة حول ما إن كانت المخابرات الفرنسية على علم بسفره إلى المغرب رفض الإجابة لأن ذلك له علاقة بأسرار الدفاع الفرنسي، حسب قوله. قد يكون هذا الأمر صحيحا، لكن الاعتراف به في تلك الفترة كان يعني إدخال العلاقات بين المغرب وفرنسا أزمة ديبلوماسية خطيرة، وقد يكون غير صحيح لكن ريشار أراد أن يوظف ذلك للدفاع عن نفسه ودفع السلطات الفرنسية إلى التدخل لحمايته، ليس هناك شيء مؤكد.
ـ في كتابك"سلفي فرنسي في المغرب: رحلة الأمير التائه من بيشاور إلى طنجة" عن هذه القضية أشرت إلى أن ريشار أنطوان غير الكثير من قناعاته، كيف كانت العلاقة بينه وبين باقي المعتقلين الإسلاميين؟
ـ نعم، صحيح، وهو نفسه اعترف بذلك في لقاءاتي به. لقد بدأ أولا يبتعد عن المعتقلين الإسلاميين السلفيين الآخرين الذين كانوا معه، وكان يريد من ذلك إرسال رسالة إلى إدارة السجن والسلطة بأنه لم يعد سلفيا، بعد ذلك بدأ يدخن لكي يزيد في تعميق ابتعاده عن السلفيين، لأنه يعرف أن بعض السلفيين يحرم التدخين، وربما أخذ بعد ذلك يبحث عن الصدام مع السلفيين لكي يزيد في إقناع السلطة بأنه أصبح يختلف معهم، لكن التحول الكبير جاء بعد إعلانه التخلي عن الإسلام وعودته إلى الكاثوليكية عام 2009، هل كان ذلك مجرد مناورة أم رغبة حقيقية في العودة إلى جذوره؟، لا أعرف، ويظهر أن السبب هو أنه كان يريد لقاء قس كنيسة الرباط للتدخل لفائدته، وتشجيع السلطات الفرنسية على الدفاع عن حقه في قضاء باقي مدة حكمه في فرنسا.
ـ بعد هذا الترحيل وبعد الإفراج عن شيوخ السلفية الجهادية، ماذا بقي من هذه الحركة اليوم التي تتهم بالوقوف وراء تفجيرات 16 ماي2003؟
ـ خلال تسع سنوات حصلت تحولات كبيرة في هذا التيار الذي نسميه السلفية الجهادية، هناك أشياء كثيرة تغيرت، أمريكا خرجت من أفغانستان ولم تعد موجودة في العراق، والعراق الذي كان فيه مشكل الاحتلال الأمريكي أصبح فيه مشكل أخر وهو المشكل الشيعي ـ السني، وفي الخليج الشعار الرئيسي لم يعد هو الحرب ضد الإرهاب الإسلامي بل ضد التغلغل الشيعي الإيراني. إذن المشهد العالمي تغير، والسلفيون أيضا تغيروا، وكثير منهم قام بمراجعة لأفكاره القديمة السابقة على الاعتقال، وقد لعبت ظروف الاعتقال دورا في هذا التحول، كما أن خروجهم بعفو ملكي شكل تحولا أيضا لأنه اعتراف بالسلطة الدينية للملك. نحن نعيش اليوم نوعا من التطبيع بين السلفيين والدولة، وهو معطى سيفتح الباب واسعا أمام هذا التيار للعب دور سياسي ليس كـ"عدو" وإنما كـ"مكون" في المشهد السياسي المغربي.

0 التعليقات:

Enregistrer un commentaire