mardi 15 mai 2012

ربيعُ العَرب يحْيِي أحْلام الأَمازيغ ويؤجِّجُ نزاعهم مع "الإسلاميِّين"


ربيعُ العَرب يحْيِي أحْلام الأَمازيغ ويؤجِّجُ نزاعهم مع "الإسلاميِّين"
شكل ربيعُ العرب حافزاً دفع الأمازيغ وهم السكان الأصليون بشمال إفريقيا إلى الذود عن حقوقهم السياسية والثقافية، وإن كان الدفاع قد حصدَ بعض النجاح، من خلال انتزاع الأمازيغ للاعتراف بالطابع الرسمي للغتهم، فإن الانفراج السياسي الجديد أسفر في المقابل عن الإتيان بأعنت أعدائهم إلى السلطة ممثلين في "الإسلاميين"، بشكل أضحى يهيئ أرضية خصبة للنزاع داخل منطقة مضطربة أصلاً.
يقول سعيد، المنحدر من قبيلة أمازيغية كان افتقارها إلى طريق معبدة تكفل رعاية صحية للإنسان والحيوان على السواء سبباً في نفوق بقرته الثانية من أصل بقرتين اثنتين كان يملكهما، إنهم يناضلون لأجل تحسين أوضاعهم، واسترعاء انتباه حكومة يهيمِن عليها العنصر العربيّ.
"إننا نحتجُّ بعد أن سئمنا أكاذيبهم، فالحكومة قالت إنها ستشق طريقا هنا، لكن لا شيء من ذلك حصل" يستطردُ داخل كوخ غير موصول بالكهرباء ولا ممدود بالماء، مردفا أنه"يكفي أن يعلم من في الحكومة بكونك مزارعاً أمازيغيا حتى لا تُعار أي اهتمام".
ثم إنه يبدُو خليقا بغرب شمال إفريقيا بعد طول أمدٍ أن تصبح منطقة فريدة من نوعها بإرثها وثقافتها الأمازيغيين. لا مجرد أقلِّية تابعة لقلب العالم العربي في مصر وسوريا وبلدان الخليج العربي، و من شأن ذلك حسب اعتقادهم – الأمازيغ - أن يفضي إلى مزيد من الليبرالية و التسامح بخلاف ما تعيشه دول الشرق الأوسط.
في السياق ذاته، يذهب رشيد تيجاني، وهو ناشط بإحدى القرى التابعة لخنيفرة إلى أنه ليس هناك فصلاً صارماً بين الجنسين في الثقافة الأمازيغية كما هو الشأن داخل القبائل العربية، فضلاً عن وجود فصل بين ما هو ديني وما هو سياسي. فعلى الرغم من كون معظم الأمازيغ من المسلمين إلا أنهم معتزون بتقاليدهم العلمانية عكس بعض الحركات الإسلامية التي اوجدت لنفسها موطئ قدم بالمنطقة.
وقد خولت رياح التغيير التي اجتاحت العالم العربي السنة الماضية للأمازيغ الاستفادة من مناخ حرية جديد، ساعدهم على الدفع بمطالبهم القديمة إلى الواجهة.
على المستوى الرسمي، لا تُوجَدُ إحصاءات دقيقة لعدد الأمازيغ بالمغرب، لكن التخمينات تجعل عددهم متراوحاً بين 25 و 30 مليوناً يتركز جلهم في المغرب والجزائر.
وفي المغرب حيث يمثلون 50 بالمائة من الساكنة، أصبحوا طرفاً لا يمكن الالتفاف عليه في العملية الديمقراطية، بعد أن قدم العاهل المغربي حزمة من الإصلاحات عقب احتجاجات عمت المدن المغربية، إذ سار التعديل الدستوري نحو الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية.
أمَّا في تونس، فقد قامت الأقلية الأمازيغية في البلاد بتأسيس أول جمعية ثقافية متحدثة بلغة محظورة، وغير بعيد في ليبيا لعِب الأمازيغ دوراً رياديّاً في الإطاحة بمعمر القذافي، وبمالي دجَّجَ الطوارق (وهم مكون أمازيغي) أنفسهم بالسلاح وأعلنوا دولة لهم بشمال البلاد.
في هذا المضمار، يرى أحمد عصيد الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن المغرب والجزائر عرفا برامج تعريب، زعمتْ شكليا تطهير البلدين حديثي العهد بالاستقلال من الفرنسية، فضلاً عن السعي إلى جعل الأمازيغ يتحدثون بالعربية، مقدراً عدد المتحدثين بالأمازيغية قبل الاستقلال ب80 بالمائة.
وعليهن فإن الأمازيغية، باعتبارها محدداً اثنيًّا، كانت حاضرة دوماً في النضال الأمازيغي، فالأمر ليس ذا مكانة رمزية فحسب، بل يعدوه إلى إفراز نتائج عملية.
وجديرٌ بالذكر، أن سكان القرى الأمازيغية لا يتحدثون غالبا بالدراجة المغربية، ناهيك عن العربية الفصحى التي تعد اللغة الرسمية للحكومة والإعلام.
"وقد أتى الربيع العربي حتى الآن بقوى إسلاميةٍ إلى السلطة، وهي قوى يرى فيها الأمازيغ نوعاً من التهديد. فإن كان الربيع العربي قد أفسح المجال لمنافحة الأمازيغ عن قضيتهم فإنه فعل الشيء ذاته مع الإسلاميين الذين ينظرون عموماً إلى الأمازيغ بنوع من الاحتقار و الازدراء" يقول بروس ميدي ويتزمان، الخبير في شؤون الأمازيغ.
ويخشى الأمازيغ حاليا بالمغرب أن يؤدي وجود حزب إسلامي على رأس الحكومة إلى التراجع عن المكتسبات التي تم تحقيقها منذ اندلاع العربيع العربي. إذ أن مواجهات قد احتدمت لعدة أيام ببلدات ريفية شمال المغرب بعد اعتقال أحد الناشطين.
وكان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قد وصف علنا حرف تفيناغ بكونه شبيها بالحرف الصيني وبالغريب عن المغاربة.
وعلى الرغم من إقرار الدستور الجديد بالصفة الرسمية للغة الأمازيغية، إلَّا أن الأمر لا يزال رهين التطبيق في المدارس، في غضون اقتضاء البيروقراطية قانونا تعده حكومة بنكيران، وهو أمرٌ يتوجس الأمازيغ أن يكون أدنى من تحقيق أهدافهم.

0 التعليقات:

Enregistrer un commentaire