vendredi 18 mai 2012

سوق "الفلاح" بوجدة.. واجهة لترويج الأدوية المهربة من الجزائر



سوق "الفلاح" بوجدة.. واجهة لترويج الأدوية المهربة من الجزائر
إن كل سائح أو زائر لمدينة وجدة، وفي غمرة تجوله بأسواق المدينة التي تغص بالمتاجر والسلع، سيتوجه لا محالة لسوق "الفلاح" الشهير، الذي قال عنه أحد الفكاهيين الوجديين أن به "ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"، هذا السوق الذي لا يملك فيه المغرب سوى التراب الذي شيد عليه، ما دامت كل السلع التي تؤثثه هي سلع مهربة، بدءا من المواد المنزلية وانتهاء بالملابس والأفرشة والمواد الغذائية ومرورا بممنوعات تباع خفية وتعرض همسا على مرتادي السوق.
هذه السلع هي حصيلة عمليات التهريب التي تقع بالمنطقة الشرقية، سواء على الحدود الجزائرية أو مع مليلية المحتلة.
وأنت تهم بدخول سوق الفلاح يستقبلك بعض الشباب بهمسات "الدوا.. الدوا" أو "خصك شي دوا"، فتية اتخذوا من مدخل السوق مكانا للتربص بالمرضى والمواطنين الراغبين في اقتناء الأدوية المهربة عن طريق الحدود المغربية الجزائرية.
وإذا تساءل الزائر عن الدواء المناسب لأي مرض كان، فإن هؤلاء الشباب على استعداد لإرشاده إلى أنواع من الأدوية «المناسبة » لمرضه، بل وتقديم الوصفات المناسبة ومقادير استعمالها، فهؤلاء الباعة قد حفظوا أسماء الأدوية، فبمجرد أن ينطق الزبون بطلبه، حتى وإن لم يتذكر اسم الدواء، حتى ينطلق البائع إلى حيث يخبئ "سلعته" في شقق قريبة من سوق الفلاح، أو في دكاكين خلفية أو داخل سيارات رابضة في الأزقة الخلفية المجاورة للسوق، ليعود بعض دقائق وقد أتى بالمطلوب.
"الدواء المهرب أرخص وأكثر فعالية وجودة"
يبرر بعض المواطنين سبب إقبالهم على اقتناء الأدوية المهربة بأثمنتها المنخفضة، في حين يتحجج آخرون بكونها ذات جودة وفعالية قوية بدعوى أن الجزائر تستورد حاجياتها من الأدوية من فرنسا، كما يستبعدون أن تكون الأدوية مزورة أو منتهية الصلاحية ويبدون لا مبالاة بظروف النقل والتخزين والعرض ويجعلون مسألة الثمن فوق كل اعتبار، مما يحول مسألة بيع الأدوية على رصيف سوق الفلاح بوجدة إلى ظاهرة خطيرة تهدد صحة وسلامة المواطن.
يقول عبد السلام وهو سائق تاكسي ورب أسرة "لقد اشتريت مرارا وتكرارا أدوية من سوق الفلاح وقد أعطت مفعولها، كما أن ثمنها في المتناول عكس أثمنة الأدوية في الصيدليات والتي هي فوق القدرة الشرائية للمواطن البسيط".
وتؤكد ليلى وهي صيدلانية: " أن من يعاني مرضا يكلفه دواؤه 540 درهم مثلا، سيتوجه مباشرة نحو سوق الفلاح ليشتري الدواء نفسه ب200 درهم أو أقل، وهو لا يهمه سوى المبلغ الذي يستطيع دفعه بغض النظر عن معايير السلامة الصحية".
وأجمعت جل التصريحات التي استقتها هسبريس أن المواطن وجد ضالته في هذه الأدوية لا لشيء سوى لأنها أرخص بكثير من الأدوية المغربية، فحسب دراسة خاصة لغرفة الصناعة و التجارة والخدمات بوجدة فإن الفارق يصل في المواد شبه الطبية إلى25% كحد أدنى و54.6% كحد أعلى، أما في المواد الطبية فيصل الفرق إلى15.2% كحد أدنى و80.7% كحد أقصى، ومن أجل تحليل أعمق لفرق الثمن كما تشير الدراسة فإن نسبة85.7% من المواد شبه الطبية و73% من الأدوية تفوق نسبة الفرق فيها بين ثمن المنتوج المهرب ومثيله بالمغرب40%، علما أن هذه النسب هي غير مستقرة، بل يمكن أن تنخفض إلى حدود الضعف أو الضعفين تبعا للعرض والطلب، لكنها لاتصل أبدا إلى مثيلاتها بالمغرب، بل وحسب الدراسة المشار إليها فإن هذه الأثمنة قد تنخفض حتى عن مثيلاتها بالجزائر نفسها مع كونها البلد المصدر للتهريب، وهذا ما يطرح أكثر من تساؤل؟
وقد أكدت مصادر متطابقة أن أكثر من 80 نوعا من الأدوية يهرب من الجزائر نحو المغرب، وتتراوح نسب هامش الربح بالنسبة للمواطن عند اقتنائه للأدوية المهربة ما بين 20% و80%، فبالنسبة لدواء “بلافيكس” مثلا يباع في الصيدلية بـ834 درهما بينما يباع المهرب بأقل من 300 درهم، أما دواء “بروزاك” الجزائري فيباع بـ100 درهم مقابل 213 درهم الثمن الرسمي المغربي، أما أدوية مرضى الربو “فانطولين” و”سيريتيد” الجزائريين فيباعان على التوالي بـ20 درهما و200 درهم مقابل 56,30 درهما و490 درهما بالصيدليات المغربية.

تحذيرات وتخوفات مشروعة
ما فتئت النقابة الجهوية للصيادلة توجه رسائل إنذار إلى السلطات المعنية تتعلق باستفحال تجارة الأدوية المهربة من الجزائر، عبرت من خلالها عن أسفها تجاه "الوضعية الفوضوية للاتجار غير القانوني للأدوية المهربة على أرصفة سوق الفلاح"، كما قامت بحملات تحسيسية ولقاءات تواصلية من أجل الكشف عن المخاطر التي تهدد صحة المواطن نتيجة تناوله لبعض الأدوية المهربة، وتم التأكيد خلال هذه الحملات على كون جل الأدوية المهربة مزورة.
هذا التزوير الذي قد يتعدى تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية ليشمل التزوير في المحتوى مما قد يشكل خطرا محدقا بمستعمله، وهذا ما تم اكتشافه في العديد من الحالات بعد وقوع مشاكل صحية لمواطنين بفعل استعمالهم لأدوية ومواد تجميل مهربة، كما هو الحال بالنسبة لبعض النساء اللواتي استعملن مرهما واقيا من أشعة الشمس من ماركة معروفة يباع في الصيدليات ب 190 درهما في حين لا يتعدى ثمنه بسوق الفلاح 60 درهما، وكانت النتيجة إصابتهن بحروق على مستوى الوجه، وبعد إجراء البحث تبين بأن العلبة هي نفسها في حين أن المحتوى لم يكن سوى مزيج من مادة "الديليو" و"نيفيا".
"القرقوبي" تهريب أم حرب خفية تشنها الجارة؟؟!
تأتي الحبوب المهلوسة أو ما يعرف ب"القرقوبي" على رأس لائحة الأدوية المهربة من الجزائر، فالمنطقة الشرقية تشهد تدفقا غزيرا لهذه المادة ومنها إلى باقي المدن المغربية، حيث تباع العبوة الواحدة من 20 قرصا بحوالي 5دراهم بوجدة، ليرتفع الثمن إلى حوالي 60 درهم أو أكثر في الرباط والدار البيضاء وغيرها.
وقد أصبحت ظاهرة تعاطي حبوب "القرقوبي" وسط شباب ومراهقي وجدة تثير تخوفات العديد من الجهات، خاصة مع تنامي عدد الجرائم التي يتم ارتكابها بسبب الوقوع تحت تأثير هذه الحبوب ومنها جرائم ضرب وجرح وقتل ضد الأصول.
وقد عزا البعض تنامي ظاهرة تهريب القرقوبي إلى الربح الوفير الذي توفره هذه "التجارة"، في حين يرى البعض الآخر أن الأمر يتعلق بإرادة سياسية جزائرية من أجل تخريب النسيج الاجتماعي المغربي خاصة وأن ظاهرة القرقوبي غير شائعة في الوسط الاجتماعي الجزائري، كما أن مصدرها لا يمكن أن يكون صيدليات الجزائر، لأن هذه الأخيرة تخضع لنفس الإلزامات ونفس المنظومة فيما يتعلق بهذا الدواء والذي لا يباع إلا بوصفة خاصة من الطبيب.
كما طالب البعض بضرورة سن قانون، على غرار قانون الإرهاب وإنزال أقصى العقوبات على مهربي هذه السموم، لأنهم ليسوا مهربين عاديين للبنزين أو المواد الغذائية بل مجرمين يساهمون في تخريب النسيج الاجتماعي للبلد.

0 التعليقات:

Enregistrer un commentaire